امّا بعد: وفقنا الله وإيّاكم فإنّا نستفتح المجالس بذكر الله العظيم، لنطرد به العويَ الرجيم، ونخرج به من زمرة الغافلين، ونهتدي به إلى الصراط المستقيم، والمنهج القويم، فنقول إذ ذاك بسم الله الرحمن الرحيم، اسم عزيز، بسم الله كلمة السلامة، بسم الله كلمة الكرامة، بسم الله إذا مرّ على القلوب المريضة شَفاها، وإذا نَظَر إليها بعين العناية بلّغها مناها، اسم بذكره يستأنس المستوحشون، بسم الله الرحمن الرحيم أسكر العقول وأحيا القلوب، كاسات هذا الاسم دائرة، فأين القلوب الحاضرة، عَجَباَ لبقاء هذه النفوس عند دَوَران هذه الكؤوس، عَجَباً كيف تبقى الأرواح في الأشباح عند ذكر الملك الفتّاح، لو أدير هذا الكأسُ على جبل أبي قبيس لَسَكَرَ سُكْرَ قيس، لولا استتار الحقيقة بستر لطيف عن العبأد، لم تثبت عند ذكره الأرواح في الأجساد، لمن لا تليق به الأشياء والأنداد، هذه كؤوس بسم الله تُدار مَنْ يشرب؟، هذه حُداةُ الذكر تُغَنَي فأيْنَ من يطرب ؟ هذه حمائم الاشتياق تنوح فأين من قلبه بالفراق مجروح ؟ من لم يتطيّب بعرف هذا الوادي فلا طيب له في هذا الناديْ.
خليليَّ إن الجزع أضحى تُرابُهُ ... من الطيب كافوراَ وعيدانهُ رَنْدا
وأصبح ماءُ الجزع عَذباَ وأصبحت ... حجارتُه مِسْكاَ و أوراقُهُ وَرْدا
وما ذاك إلاّ أَنْ مَشَت بجنابه ... كل بثَيْنَةُ في سربِ فَجَرَّتْ به بُرْدا
فأهدت لنا من عطفها يوم سَلَّمَتْ ... نسيماً كريح المسك زدنا به وَجْدا
قال سهل بن عبدالله : ما من يوم إلاّ والجليل سبحانه ينادي : ما أنصفتني عبدي أذكرك وتنساني، وأدعوك إليَّ فتذهب عنّي إلى غيري، وأذْهِبُ عنك البلايا، وأنتَ مُعتكف على الخطايا، يا ابن آدم ما اعتذارك غلي اً إذا جئتني؟.
ما زلتَ دهراَ للقلى مُتَعَرَّضاَ ... ولطالما قد كنتَ عنا معْرِضا
جانبتنا دهراَ فلما لم تجد ... عوضاً سوانا صرت تبكي ما مضى
لو كنتَ لازمتَ الوقوفَ ببابنا ... لَلَبِستَ من إحساننا خِلَغَ الرضا
لكن هجرتَ حقوقنا وتركتَها ... فلذاك ضاق عليك متَّسع الفضا
مَنْ ذا يُطيقُ صدودنا أو منْ لَهُ ... صبر على سيف الصدود المُنْتَضى
يا هذا جَدَّ العارفون وهزلتَ وصعدوا في طلب المعالي ونزلتَ ؟ !
حَدوا عَزَماتٍ ضاقت الأرضىُ دونَها ... فصار سُراهم في ظهور العزائم
لاحَ لهم عَلَمُ الوصال فنفضوا مزاود الركائب فصاح المحبّ : هبّت لنا من رياح الغدير رائحة :
تَمُرُّ الصبا صَفْحاَ بساكن ذي الغَضا ... وَيصْدَعُ قَلْبِي أَن يَهبَّ هُبُوبها
قريبةُ عَهْدٍ بالحبيبِ، و إنَّما ... هَوَى كُل نَفْسِ حَنثُ حَلَّ حَبِيبُها
وما هجرتكِ النفسُ أنَكِ عندها ... قليل، ولكن قَلَ منكِ نصيبُها
ولكنهم يا أجمل الناس أولعوا ... بقولٍ اذا ما جئتُ : هذا حبيبُها
يا هذا تتوجه إلى الحبيب و معشوقتك الدنيا؟ !
طَهِّر خِلالَكَ من خِلّ تُعابُ به ... من الدنيا بالبِرّ والبَرّ والبُرَّ
قد وافقوا الوحشَ في سكنى مرابعها ... وخالفوها بتفويض وتطبيبِ
نافرهم النومُ وخالفهم السهرُ، فهربوا من كرب الوجد الى نسيم الصبا.
يا لنَسيمِ سَحَرٍ بحاجرٍ ... روَّت به ريحُ الصَبا عَهْدَ الصَبا
السَحَرُ ربيعُ الأحباب وريحُ الربيع عبير، إذا جالت رياح الأسحار في صحراءِ التعبّد حملت ارائج أزاهر القلوب.
" تؤدي صباها ما تقول خزاماها "
إذا هَبَّ من وادي العقيق نسيمُ ... يذكّرني عهد الصبا فأهيمُ
وإنْ لَمَعَتْ نار على ابرق الحمى ... دعاني هوىَ في القلب منكِ قديمُ
وأصبو لخفّاق النسيم إذا سرى ... وسوقي لسُكّان الغوير عظيمُ
وإني إذا ما مَضَني الشوقُ والأسى ... رحلتُ وقلبي في الديار مقيمُ
أوحى الله - عز وجلَ - إلى داود - عليه السلام - :
قُلْ لشُبّان بني إسرائيل لِمَ تُشغلون نفوسكم بغيري وأنا مشتاقٌ إليكم، ما هذا الجفا لو يعلم المدبرون - عنّي كيف انتظاري لهم وشوقي إليهم لماتوا شوقاً إليّ وانقطعت، أوصالهم من مَحَبَتي، هذه إرادتي في المدبرين عني فكيف إرادتي في المدبرين عليّ؟، يا داود! كَذِبَ من ادَعى مَحَبَّتي فإذا جَنَهُ الليلُ نام عنِّي، كَذِبَ من ادّعى محبتي ثم خَطَرَ بباله غيري، يا آذان القلوب اسمعي أنا جليس من ذكرني :
وما كنتمُ تعرفون الجفا ... فَممَّنْ ترى قد تَعَلَّمْتُمُ
فيا أرباب القلوب أما فيكم من عَدِمَ لَذَّة قرب محبوبه، أما فيكم من أرضعوه من لبان وصالهم ثم فطموه، يا مفطومهم إبك وترامَ عليهم، يا سماء، أعين المحجوبين اسكبي، يا قمرية قلوب المهجورين ترنّمي واطربي، يا ألسنة المحبِّين عمّا يجن الجنان اعربي، يا أكباد المحزونين ذُوبي والهبي :
لقاؤك أنسق للمُحِبِّ وسلوانُ ... وذكرك لي راحٌ وريحُكَ ريحانُ
وأنت حياتي إنْ فقدتك لمحةً ... و أوّلُ مَفْقُودَيْنِ روح وجثمانُ
ومن عَجَبي أنّي للَحْظِكَ ناظرٌ ... وأنّ فؤادي من ورائك ملآنُ
جرى لكَ ذكز فاهتززتُ لطيبهِ ... وعند هبوب الريح ينعطفُ البانُ
ومن عجبي دمعي لبُعْدِكَ هَتّانُ ... وفي كَبدي جَمْرٌ يذيبُ ونيرانُ
يا مَنْ قد أضاعَ يوسفُ قَلْبَهُ جُزْ بخيام القوم لعلَّكَ تجدُ ريحَهُ، قِفْ بالسَحَر على أقدام الذُلَ لم وقل بلسان التذلُل (يا أيها العزيز مَسَّنا وأهلنا الضُرُّ)، لمّا أجدبت أرضُ قلب يعقوب لفقد قطر سحاب جمال يوسف، خرج أهل كنعان يستسقون في مصلّى صحراءِ مصر مُرتدين بأردية (مَسَّنا وأهلنا الضُرُّ وَجئْنا ببضاعةٍ مُزْجاة فَأَوْفِ لنا الكيلَ وتَصَدَّقْ علينا).
نشأت سحابُ الغيث (هل علمتم ما فعلتم بيوسف).
غردَ قمريُّ الاعتراف (تالله لقد آثركَ اللهُ علينا وان كُنا لخاطئين) فتبسم ثغر سحاب العفو (لا تَثْرِيبَ عليكم).
إذا ذَهَب العتابُ فليس وُدٌ ... ويبقى الودُ ما بقي العتابُ
لولا مرارة البُعد ما نال حلاوة التلاقيْ
فلولا البُعد ما حُمِدَ التداني ... ولولا البينُ ما طابَ التلاقي
لمّا توجّه الصدِّيقُ بقميصِه إلى يعقوب عليهما السلام - القوهُ وهو يدور في البيت ويقول : (إنِّي لأَجِدُ ريحَ يُوسفَ لولا أَنْ تُفَنّدونِ) وقد اشتمَّ رائحته من مائة و أربعين فرسخاً.
نسيمٌ بدا من عطر قربك هاجني ... إليكَ فهاج القلبَ والجسمُ حاضرُ
فإنْ غَنّت الأطيارُ اطرقتُ نَحْوها ... وإن هَبَّت الأرياح فالطرفُ ناظرُ
قيل : لمّا جاء البشيرُ بالقميص ودفعه إلى يعقوب - عليه السلام - شَمَ رائحته ووضعه على وجهه فارتدَ بصيراً.
إذا ذُكِرَتْ ارضُ " العقيق " و " نُعمانُ " ... تَهيج بقلب المدنف الصَبِّ نيرانُ
وإن لاح برق " بالغوير " يهيجني ... إلى البان واحزني وأَنّى ليَ البانُ
احنّ إلى سكّان " لَعْلَعَ لما واللِّوى ... وهم في فؤادي والحشاشة سُكّانُ
ولي إن سرى الركبُ اليماني أنَّةٌ ... تدلُّ على أَنْ في فؤادِيَ اشجانُ
وإنْ مَرَّ بي ركبُ " العذيب " حسبتني ... كأنِّيَ من خمر الصبابة نشوانُ
أَحِنُّ إلى تلك الديار تَشَؤُقاَ ... لأنَّ بها أحباب قلبيَ قُطانُ
ومن عجبي اهوى ديار أَحِبَّتي ... وسُكانُها في ربع قلبيَ سُكّانُ
إذا هَبّ نسيمُ نجد تحرّك المشتاق بالوجدْ
إذا الريحُ من أرض الحبيب تنَسَّمَتْ ... وجدتُ لمجراها على كبدي بَرْدا
على كَبِدٍ قد كاد يحرقُها الجوى ... تذوبُ وبعضُ القوم يحسبني جَلْدا
الامام ابن الجوزي
خليليَّ إن الجزع أضحى تُرابُهُ ... من الطيب كافوراَ وعيدانهُ رَنْدا
وأصبح ماءُ الجزع عَذباَ وأصبحت ... حجارتُه مِسْكاَ و أوراقُهُ وَرْدا
وما ذاك إلاّ أَنْ مَشَت بجنابه ... كل بثَيْنَةُ في سربِ فَجَرَّتْ به بُرْدا
فأهدت لنا من عطفها يوم سَلَّمَتْ ... نسيماً كريح المسك زدنا به وَجْدا
قال سهل بن عبدالله : ما من يوم إلاّ والجليل سبحانه ينادي : ما أنصفتني عبدي أذكرك وتنساني، وأدعوك إليَّ فتذهب عنّي إلى غيري، وأذْهِبُ عنك البلايا، وأنتَ مُعتكف على الخطايا، يا ابن آدم ما اعتذارك غلي اً إذا جئتني؟.
ما زلتَ دهراَ للقلى مُتَعَرَّضاَ ... ولطالما قد كنتَ عنا معْرِضا
جانبتنا دهراَ فلما لم تجد ... عوضاً سوانا صرت تبكي ما مضى
لو كنتَ لازمتَ الوقوفَ ببابنا ... لَلَبِستَ من إحساننا خِلَغَ الرضا
لكن هجرتَ حقوقنا وتركتَها ... فلذاك ضاق عليك متَّسع الفضا
مَنْ ذا يُطيقُ صدودنا أو منْ لَهُ ... صبر على سيف الصدود المُنْتَضى
يا هذا جَدَّ العارفون وهزلتَ وصعدوا في طلب المعالي ونزلتَ ؟ !
حَدوا عَزَماتٍ ضاقت الأرضىُ دونَها ... فصار سُراهم في ظهور العزائم
لاحَ لهم عَلَمُ الوصال فنفضوا مزاود الركائب فصاح المحبّ : هبّت لنا من رياح الغدير رائحة :
تَمُرُّ الصبا صَفْحاَ بساكن ذي الغَضا ... وَيصْدَعُ قَلْبِي أَن يَهبَّ هُبُوبها
قريبةُ عَهْدٍ بالحبيبِ، و إنَّما ... هَوَى كُل نَفْسِ حَنثُ حَلَّ حَبِيبُها
وما هجرتكِ النفسُ أنَكِ عندها ... قليل، ولكن قَلَ منكِ نصيبُها
ولكنهم يا أجمل الناس أولعوا ... بقولٍ اذا ما جئتُ : هذا حبيبُها
يا هذا تتوجه إلى الحبيب و معشوقتك الدنيا؟ !
طَهِّر خِلالَكَ من خِلّ تُعابُ به ... من الدنيا بالبِرّ والبَرّ والبُرَّ
قد وافقوا الوحشَ في سكنى مرابعها ... وخالفوها بتفويض وتطبيبِ
نافرهم النومُ وخالفهم السهرُ، فهربوا من كرب الوجد الى نسيم الصبا.
يا لنَسيمِ سَحَرٍ بحاجرٍ ... روَّت به ريحُ الصَبا عَهْدَ الصَبا
السَحَرُ ربيعُ الأحباب وريحُ الربيع عبير، إذا جالت رياح الأسحار في صحراءِ التعبّد حملت ارائج أزاهر القلوب.
" تؤدي صباها ما تقول خزاماها "
إذا هَبَّ من وادي العقيق نسيمُ ... يذكّرني عهد الصبا فأهيمُ
وإنْ لَمَعَتْ نار على ابرق الحمى ... دعاني هوىَ في القلب منكِ قديمُ
وأصبو لخفّاق النسيم إذا سرى ... وسوقي لسُكّان الغوير عظيمُ
وإني إذا ما مَضَني الشوقُ والأسى ... رحلتُ وقلبي في الديار مقيمُ
أوحى الله - عز وجلَ - إلى داود - عليه السلام - :
قُلْ لشُبّان بني إسرائيل لِمَ تُشغلون نفوسكم بغيري وأنا مشتاقٌ إليكم، ما هذا الجفا لو يعلم المدبرون - عنّي كيف انتظاري لهم وشوقي إليهم لماتوا شوقاً إليّ وانقطعت، أوصالهم من مَحَبَتي، هذه إرادتي في المدبرين عني فكيف إرادتي في المدبرين عليّ؟، يا داود! كَذِبَ من ادَعى مَحَبَّتي فإذا جَنَهُ الليلُ نام عنِّي، كَذِبَ من ادّعى محبتي ثم خَطَرَ بباله غيري، يا آذان القلوب اسمعي أنا جليس من ذكرني :
وما كنتمُ تعرفون الجفا ... فَممَّنْ ترى قد تَعَلَّمْتُمُ
فيا أرباب القلوب أما فيكم من عَدِمَ لَذَّة قرب محبوبه، أما فيكم من أرضعوه من لبان وصالهم ثم فطموه، يا مفطومهم إبك وترامَ عليهم، يا سماء، أعين المحجوبين اسكبي، يا قمرية قلوب المهجورين ترنّمي واطربي، يا ألسنة المحبِّين عمّا يجن الجنان اعربي، يا أكباد المحزونين ذُوبي والهبي :
لقاؤك أنسق للمُحِبِّ وسلوانُ ... وذكرك لي راحٌ وريحُكَ ريحانُ
وأنت حياتي إنْ فقدتك لمحةً ... و أوّلُ مَفْقُودَيْنِ روح وجثمانُ
ومن عَجَبي أنّي للَحْظِكَ ناظرٌ ... وأنّ فؤادي من ورائك ملآنُ
جرى لكَ ذكز فاهتززتُ لطيبهِ ... وعند هبوب الريح ينعطفُ البانُ
ومن عجبي دمعي لبُعْدِكَ هَتّانُ ... وفي كَبدي جَمْرٌ يذيبُ ونيرانُ
يا مَنْ قد أضاعَ يوسفُ قَلْبَهُ جُزْ بخيام القوم لعلَّكَ تجدُ ريحَهُ، قِفْ بالسَحَر على أقدام الذُلَ لم وقل بلسان التذلُل (يا أيها العزيز مَسَّنا وأهلنا الضُرُّ)، لمّا أجدبت أرضُ قلب يعقوب لفقد قطر سحاب جمال يوسف، خرج أهل كنعان يستسقون في مصلّى صحراءِ مصر مُرتدين بأردية (مَسَّنا وأهلنا الضُرُّ وَجئْنا ببضاعةٍ مُزْجاة فَأَوْفِ لنا الكيلَ وتَصَدَّقْ علينا).
نشأت سحابُ الغيث (هل علمتم ما فعلتم بيوسف).
غردَ قمريُّ الاعتراف (تالله لقد آثركَ اللهُ علينا وان كُنا لخاطئين) فتبسم ثغر سحاب العفو (لا تَثْرِيبَ عليكم).
إذا ذَهَب العتابُ فليس وُدٌ ... ويبقى الودُ ما بقي العتابُ
لولا مرارة البُعد ما نال حلاوة التلاقيْ
فلولا البُعد ما حُمِدَ التداني ... ولولا البينُ ما طابَ التلاقي
لمّا توجّه الصدِّيقُ بقميصِه إلى يعقوب عليهما السلام - القوهُ وهو يدور في البيت ويقول : (إنِّي لأَجِدُ ريحَ يُوسفَ لولا أَنْ تُفَنّدونِ) وقد اشتمَّ رائحته من مائة و أربعين فرسخاً.
نسيمٌ بدا من عطر قربك هاجني ... إليكَ فهاج القلبَ والجسمُ حاضرُ
فإنْ غَنّت الأطيارُ اطرقتُ نَحْوها ... وإن هَبَّت الأرياح فالطرفُ ناظرُ
قيل : لمّا جاء البشيرُ بالقميص ودفعه إلى يعقوب - عليه السلام - شَمَ رائحته ووضعه على وجهه فارتدَ بصيراً.
إذا ذُكِرَتْ ارضُ " العقيق " و " نُعمانُ " ... تَهيج بقلب المدنف الصَبِّ نيرانُ
وإن لاح برق " بالغوير " يهيجني ... إلى البان واحزني وأَنّى ليَ البانُ
احنّ إلى سكّان " لَعْلَعَ لما واللِّوى ... وهم في فؤادي والحشاشة سُكّانُ
ولي إن سرى الركبُ اليماني أنَّةٌ ... تدلُّ على أَنْ في فؤادِيَ اشجانُ
وإنْ مَرَّ بي ركبُ " العذيب " حسبتني ... كأنِّيَ من خمر الصبابة نشوانُ
أَحِنُّ إلى تلك الديار تَشَؤُقاَ ... لأنَّ بها أحباب قلبيَ قُطانُ
ومن عجبي اهوى ديار أَحِبَّتي ... وسُكانُها في ربع قلبيَ سُكّانُ
إذا هَبّ نسيمُ نجد تحرّك المشتاق بالوجدْ
إذا الريحُ من أرض الحبيب تنَسَّمَتْ ... وجدتُ لمجراها على كبدي بَرْدا
على كَبِدٍ قد كاد يحرقُها الجوى ... تذوبُ وبعضُ القوم يحسبني جَلْدا
الامام ابن الجوزي